جبران في موسكو: ثلاث ملاحظات
أكدت مصادر دبلوماسية مواكبة لزيارتي الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى موسكو، رصدها لثلاث ملاحظات رئيسية في سياق المقارنة بين الضيفين:
أولاً، مقابل تركيز الحريري الكبير على الشكوى على باسيل وطلبه تدخل موسكو للضغط عليه، أو إلزامه بطريقة ما بقبول الشروط الحريرية، حرص باسيل على عدم الظهور بمظهر من يشكي سياسياً لبنانياً آخر لقوى خارجية، مكتفياً بالحديث عن وحدة المعايير في تشكيل الحكومة دون أي ذكر مباشر لرئيس الحكومة المكلّف.
ثانياً، مقابل تركيز الحريري على الملف اللبناني حصراً، واعتقاده أنّ لبنان حزيرة منعزلة عن محيطه، حرص باسيل على إظهار فهمه وتفهمه للمقاربة الروسية الاستراتيجية لكل المنطقة، بما فيها لبنان. وبعكس الحريري، كان باسيل جاهزاً من حيث الإعداد والتحضير المسبقين لمناقشة المسؤولين الروس في كل ما يطرحونه من عناوين خاصة بالاستقرار الأمنية والتخديات السياسية والمستقبل الاقتصادي لكل من لبنان وسوريا والعراق.
ثالثاً، مقابل اكتفاء الحريري بقراءة بيان مكتوب مسبقاً، حرص باسيل في المؤتمر الصحافي مع المسؤولين الروس وفي المقابلة التلفزيونية، على الاستفاضة في الحديث الاستراتيجي في جميع العناوين المشتركة بين لبنان وروسيا دون أية نصٍ معدٍ مسبقاً.
الأجهزة الدبلوماسية تتوقف عند هذه المقارنات طبعاً، وتسجّل الملاحظات بهذا الشأن وتراعي في علاقاتها هذه الجوانب، في ظل معرفة الروس أنّ الحريري مرتبط بشبكة واسعة من العلاقات التي لا يمكنه الخروج منها أو القفز فوقها، من الخليج إلى الولايات المتحدة مروراً بفرنسا، بعكس باسيل غير المقيّد أبداً. وقد سبق لهم تجربته في الملف الأهم بالنسبة إليهم، وهو الغاز، حيث امتحنوا استقلاليته المطلقة وتثبتوا منها.
وقد حرص الروس من جهتهم على إسقاط كل النظريات الكاذبة والإشاعات عن برودة روسية تجاه باسيل، وانحياز روسيّ لطرف ضد آخر على غرار فرنسا ومصر، حيث أظهر الروسي حفاوة كبيرة في استقبال باسيل؛ وعمد إلى توسعة الزيارة لتشمل محطات حزبية وإعلامية وموائد غذاء وعشاء لم تكن محضرة سابقاً. ومع ذلك واصلت بعض وسائل الإعلام المحلية حملة الإشاعات لتضليل الراي العام.
أحوال